.. إن حاجة الصم للغة كالحاجة للماء والهواء والغذاء .. أي إلى أمور ثلاثة تسهل تعلمهم وانخراطهم واندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها ، وتنهي غربتهم التي بدأت ، وهذه الأمور تعمل متضامنة متعاونة يشد الواحد منها عضد الأخر ويزيد في نفعه ويعمل على إغنائه وإثرائه ، وأي تفريط في واحد منها يقلل من أهمية الآخر، ويسقط الكثير من نفعه .. ولا غنى لهم عن أية واحدة منها .
الكلام : بيان النطق وسيلة تفاهم البشر .. قراءة الشفاه : مرآة النطق وصورته على الشفتين .. الإشارات : شرح وتوضيح للكلام .
قراءة الشفاه والإشارات مرتبطتان بالكلام متعلقتان به .
الكلام .. هو حاجة لا غنى للصم عنه ، لأنه وسيلتهم لفهم وإفهام الناس رغباتهم وحاجاتهم وإيصال مشاعرهم واكتسابها ، والناس يفهمون الكلام أكثر من أية وسيلة أخرى والكلمة هي القاسم المشترك الأعظم بيننا وبين الصم ، سواء كانت منطوقة أو مكتوبة ، وقد أفاد خبراء التربية أنه يمكن للصم أن يتعلموا الكلام بشكل شبه عادي ، إذا توافر لهم العلاج المناسب في الوقت المناسب ، مادامت أجهزتهم وطاقاتهم سليمة غير منقوصة ، ويمكن أن يرتقوا باللغة إذا ارتبطت لغتهم الإشارية بقواعد لغة مجتمعهم المكتوبة المقروءة ليسهل عليهم فهما واستخدامها .
قراءة الشفاه .. وهي حاجه أخرى لا غنى للصم عنها لأنها مصدرهم الأهم لاكتساب اللغة ، وهيوسيلتهم لفهم الناس وفهم ما يقولون ، بكل ما تحتويه هذه القراءة من صعوبات
الإشارات .. تتوارد إلى أبصارنا وأبصار الصم على التوالي إشارات وحركات وإيماءات ، تعبر عن مفاهيم مقصودة أو غير مقصودة ، عامة أو خاصة ، يقوم الدماغ بترجمتها وفهمها إن كان لها مدلول ارتبطت به أو لم يكن لها مدلول يدل عليها ..
إن أحداث الحياة ، والصور الإنسانية ، والأشياء في الوجود واحدة وهي كما نراها بأعيننا ، وكل جماعه من البشر تعبر عنها بلغتها الخاصة ، وقد قيل أن لغة الإشارات بالأيدي هي اللغة الأولى للإنسان منذ أن خلق الله البشر ، وجماعة الصم تعبر عنها برسم إشارات وحركات في الفضاء دالة عليها أو قريبة الدلالة .. اتفقوا على مضمونها و هو المعنى و رسم الإشارات الدالة عليها .. فالصم على اختلاف مواقعهم في العالم متشابهون بطريقة تواصلهم ، وتركيب مصطلحاتهم الإشارية ، وهذا التشابه يشكل دعوة مهمة لتوحيد تلك المصطلحات الإشارية العامة منها والخاصة على المستوى العالمي ، وكل جماعة تقوم بربط تلك الإشارات بقواعد وضوابط لغة مجتمعهم الذي يعيشون فيه .. يتبعها دعوة أخرى لتوحيد الأبجديات الإشارية ، لتكون دالة على الأصوات تماماً كالأبجديات الإنسانية التي تدل على الأصوات وتعرفها ولا تدل على سواها واستخدام اليدين معاً لتركيب المفردات الإشارية المطابقة لمفردات لغة أهلهم و أفراد مجتمعهم لما في ذلك من نفع وفائدة للصم عامة ، لأن لغة الإشارة لغة مرئية تقوم الأيدي بمهمة إرسالها والعين بمهمة استقبالها والدماغ بفهما وتعلمها
وجهة نظر .. آمل لهذه الدعوة أن تتحقق في يوم من الأيام ، لأنها ضرورة إنسانية ، ستقرب صم العالم بعضهم من بعض وترقى بهم على كافة المستويات المعرفية .
.. نحن والصم شركاء في استعمال بعض الإشارات العامة في كثير من مواقف الحياة ، كالتعبير عن الجوع والعطش ، عن الأخذ والعطاء .. و مختلفون في رسم الإشارات الخاصة ، لأنها اتفاق بين أفراد المجموعة الواحدة .
.. ينظر أولياء الصّم نظرة ألم وحسرة إلى طفلهم الذي التحق بعالم الصم عالم التخاطب بالإشارات والحركات للتعبيرعن حاجاته ورغباته كلغة بديلة عن لغة الكلام ..حيث لم يروا من الصم الذين فقدوا كامل سمعهم من نال درجات علمية كالتي نالها آخرون ممن تعلم وارتقى بالعلم .
.. تعتبر لغة الإشارة رمزاً مهماً في حياة الصم ، بها يعتزون ويفتخرون وهي وسيلتهم للتفاهم ، والتواصل وتبادل الخبرات ونقل المعارف فيما بينهم .
.. للإشارة دور هام قد يفوق دور الكلمة أحياناً في أداء بعض المعاني ، فالإشارة تزيد في دلالة الكلمة وتوضح معناها في كثير من مواقف الحياة ..كما في إشارات المرور ، والإشارات الكشفية ، وإشارات رجال المال في البورصة ، والغواصون تحت الماء .. حيث يصعب على اللغة المنطوقة القيام بمهمة تبادل المعلومات في ذلك الجو الصعب .
رأي واحد حول “أهمية اللغة للصم”